رواية حفص عن عاصم

 

 الراوي حفص بن سليمان 

(90 - 180هـ)



أولاً: اسمه ونسبته وكنيته ولقبه ومولده:


حفص بن سليمان بن المغيرة، الأسديّ بالولاء، الكوفيّ البَزَّاز، أبو عُمَر، ويُقَال: حفص بن أبي داود، ويُعرف بِحُفَيص، كان مولده سنة (90هـ).

 

ثانياً: مكانته وعلمه:


أحد رواة القُرَّاء السبعة، قارئ أهل الكوفة، وأعلم أصحاب عاصم بن أبي النَّجُود بقراءته، قرأ عليه مِراراً، فهو ربيبه وابن زوجته، ويقيم معه في دار واحدة.

 

وكان الأوَّلون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عيَّاش، ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ بها على عاصم، وقد أقرأ النَّاس دهراً، وقرأ عليه خلق كثير، ونزل بغداد فأقرأ بها، وجاور مكة فأقرأ بها.

 

قال محمد بن سعد العوفي عن أبيه: حدثنا حفص بن سليمان، لو رأيته لقَرَّت عيناك، فهمًا وعِلمًا.

 

وقال يحيى بن معين: الرواية الصحيحة التي رُوِيت عن قراءة عاصم: رواية أبي عُمَر حفص بن سليمان.

 

وقال أيوب بن المتوكل: أبو عُمَر أصحُّ قراءةً من أبي بكر بن عيَّاش، وأبو بكر أوثق منه.

 

قال الذَّهبيُّ: أمَّا في القراءة فثقة ثبت ضابط لها، بخلاف حاله في الحديث.

 قال ابن مجاهد: بينه وبين أبي بكر [بن عياش] من الخُلْف في الحروف خمسمائة وعشرين حرفاً في المشهور عنهما، وذكر حفصٌ أنَّه لم يخالف عاصماً في شيء من قراءته إلاَّ في حرف الروم: ﴿ الله الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ﴾ [الروم: ٥٤]،قرأه بالضم، وقرأه عاصم بالفتح.

 

ثالثاً: شيوخه في القراءة:


قرأ حفص على: عاصم بن أبي النَّجود، زوج أمِّه، ختماتٍ كثيرة، وينتهي سنده في القراءة عليه إلى عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد رُوِيَ عن حفص أنَّه قال: قلتُ لعاصم: أبو بكر يخالفني؟ فقال: أقرأتُك بما أقرأني أبو عبد الرحمن السُّلميُّ عن عليِّ بن أبي طالب، وأقرأتُهُ بما أقرأني زِرُّ بن حُبَيش عن عبد الله بن مسعود.

 

رابعاً: رواة القراءة عنه:


قرأ على حفص خلق كثير، منهم: عمرو بن الصبَّاح وهو من أجل أصحابه، وأخوه عبيد بن الصبَّاح، وأبو شعيب صالح بن محمد القوَّاس، وعبد الرحمن بن محمد بن واقد، وأبو شعيب القوَّاس، وحمزة بن القاسم الأحول، وحسين بن محمد الـمَرُّوذي، وخلف الحداد، وغيرهم.

 

خامساً: منزلته في علم الحديث وروايته:

حدَّث حفص عن: عاصم بن أبي النَّجُود، وعلقمة بن مَرْثد، وثابت البُنَانيّ، وأبي إسحاق السَّبِيعي، وكَثِيرُ بن زاذان، ومُحَارب بن دِثَار، وغيرهم.

 

وحدَّث عنه: بكر بن بكَّار، وآدم بن أبي إياس، وأحمد بن عبدة، وهشام بن عمَّار، وعلي بن حجر، وعمرو النَّاقد، وهبيرة التَّمار، وغيرهم.

 

ولم يكن حفص بن سليمان متقناً لعلم رواية الحديث كإتقانه للقرآن وحروفه، ولعلَّ السببَ في ذلك هو استغراق أكثر وقته في القراءة والإقراء.

 

يقول الإمام الذهبي: وما زال في كلِّ وقت يكون العالم إمامًا في فن، مُقَصِّرًا في فنون، وكذلك كان صاحبه (أي: صاحب عاصم) حفص بن سليمان، ثَبتًا في القراءة، واهيًا في الحديث، وكان الأعمش بخلافه: كان ثبتًا في الحديث، لينًا في الحروف.

 

وقد اتفقت كلمة أكثر علماء الجرح والتَّعديل على تضعيفه في علم رواية الحديث، ومما ورد في ذلك:

قول الإمام أحمد: ما به بأس، ورُوِي أنَّه قال عنه: صالح، وقال مَرَّةً: متروك.

وقال يحيى بن معين: ليس بثقة.

وقال ابن المديني: ضعيف الحديث، وتركته على عمد.

وقال إبراهيم الجوزجاني: قد فُرِغَ منه من دهر.

وقال البخاري: تركُوه.

وقال مسلم: ليس بثقة.

وقال النسائي: ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال في موضع آخر: متروك.

وقال زكريا السَّاجي: له أحاديث بواطيل.

وقال ابن عَدِيّ: عامَّة أحاديثه غير محفوظة.

وقال أبو زُرعة: ضعيف الحديث.

إلاَّ أنَّ وكيع بن الجراح قال عنه: كان ثقة، أخرج النسائي حديثه في مسند علي متابعة.

وقد أخرج له الترمذيُّ والنَّسائيُّ في مسند عليٍّ رضي الله عنه متابعة، وابن ماجه.

 

سادساً: وفاته:

توفي حفص بن سليمان سنة (180هـ) وله تسعون سنة، وقيل: بين الثمانين والتسعين، رحمه الله تعالى.


*********************************************************

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رواية خلف عن حمزة

رواية قنبل عن ابن كثير