قراءة عاصم ( حفص و شعبة )
الإمام الخامس عاصم بن أبي النَّجود الكوف
بالكوفة الغرَّاء منهم ثلاثةٌ أذاعوا فقد ضاعت شذاً وقرنفلا
فأما أبو بكر وعاصم اسمه فشعبةٌ رواية المُبرِّزُ أفضلا
وذاك ابن عياشٍ أبو بكرٍ الرضا وحفصٌ وبالإتقان كان مفضلا
وصفت الكوفة بذلك لما فيها من كثرة العلماء .
أذاعوا أي نشروا العلم بين الناس .
وضاعت : أي فاحت رائحة العلم بها .
والشذا : العود أو المسك .
والمبرز : هو الذي فاق أقرانه ، أي إن في الكوفة المشهورة ثلاثة من الأئمة السبعة بثوا علمهم فيها فتعطر بها ذكرهم ، ورفع من شأنها علمهم ، فالإمام الأول من الثلاثة هو عاصم بن أبي النجود .
وكنيته : أبو النجود . واسم أُم عاصم بهدله . ولذلك يقال له عاصم بن بهدله .
كنيته : أبو بكر وهو أسدي كوفي .
وفاته : توفي سنة سبع وعشرين ومائة بالكوفة .
رحل إليه الناس للقراءة من شتى الآفاق ، جمع بين الفصاحة ، والتجويد ، والإتقان ، والاتفاق والتحرير .
قال أبو بكر بن عياش : وهو شعبة : لا أُحصي ما سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول : ما رأيت أحداً أقرأ للقراءة من عاصم بنَ أبي النجود ، وكان علماً بالسنة لغوياً نحوياً فقيهاً .
قال يحيى بن آدم : حدثنا حسن بن صالح قال : ما رأيت أحداً قط أفصح من عاصم إذا تكلم كاد يدخله خيلاء .
وقال أبو بكر بن عياش : قال لي عاصم مرضت سنتين فلما قمت قرأت القرآن فما أخطأت حرفا .
وقال حماد بن سلمة : رأيت حبيب بن الشهيد ، ورأيت عاصم بن بهدله يعقد أيضاً ويصنع مثل صنيع شيخه عبد الله بن حبيب السلمي .
سئل أحمد بن حنبل عن عاصم فقال : رجل صالح خير ثقة .
ووثقه أبو زرعة وجماعة .
وقال أبو حاتم : محله الصدق وحديثه مخرَّج في الكتب الستة .
هو تابعي جليل ، فقد حدث عن أبي رمثة رفاعة التميمي ، والحارث بن حسان البكري ، وكان لهما صحبة .
أما حديثه عن أبي رمثة فهو في مسند الإمام أحمد بن حنبل ، وأما حديثه عن الحارث فهو في كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام .
قال شعبة : دخلت على عاصم وقد احتضر فجعلت أسمعه يردد هذه الآية : « ثم ردّوا إلى الله مولاهم الحق » يحققها كأنه في صلاة لأن تجويد القرآن صار فيه سجية .
قرأ عاصم على أبي عبد الرحمن السلمي ، وعلى زر بن حبيش بن حباشة ، وعلى أبي عمرو سعد بن إلياس الشيباني .
وقرأ هؤلاء الثلاثة على عبد الله بن مسعود ، وقرأ زر والسلمي أيضاً على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب .
وقرأ السلمي أيضاً على أُبي بن كعب وزيد بن ثابت ، وقرأ ابن مسعود وعثمان وعلي وزيد على رسول الله صلّى الله عليه وسلم .
إسناد قراءة عاصم:
أخذ عاصم (رحمه الله) القراءة عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي، وأبي مريم زر بن حبيش، وأخذ أبو عبد الرحمن عن عثمان بن عفان، وعن علي بن أبي طالب، وأُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود وأخذ زر من حبيش عن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن رب العالمين.
منهج عاصم في القراءة
1- يبسمل بين كل سورتين إلا بين الأنفال وبراءة ، فله الوقف والسكت والوصل .
2- يقرأ المدين المتصل والمنفصل بالتوسط بمقدار أربع حركات .
3- يقرأ من رواية شعبة ( مِنْ لَدُنْهُ ) بالكهف بإسكان الدال مع إشمامها ومع كسر النون والهاء وإشباع حركتها .
4- يميل شعبة عنه ألف ( رَمَى ) في ( وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ) بالأنفال .
وألف ( أَعْمَى ) في موضعي الإسراء ( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى ) .
وألف ( وَنَأَى ) في ( وَنَأَى بِجَانِبِهِ ) في الإسراء .
وألف ( رَانَ ) في ( كَلاَّ بَلْ رَانَ ) في المطففين .
وألف ( هَارٍ ) في ( شَفَا جُرُفٍ هَارٍ ) في التوبة .
5- ويميل حفص عنه الألف بعد الراء في ( مَجْرَاهَا ) .
6- يفتح من رواية شعبة ياء الإضافة في ( مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) الصف ، ويسكنها من رواية شعبة أيضاً في ( وَأُمِّي إِلَهَيْنِ ) في المائدة و ( أَجْرِي إِلاَّ ) في جميع المواضع و ( وَجْهِي لِلَّهِ ) في آل عمران والأنعام ، و( بَيْتِي ) في ( وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي ) في نوح ، ( وَلِيَ دِينِ ) في الكافرون .
7- يحذف الباء الزائدة وصلاً ووقفاً من رواية شعبة في ( فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ ) في النمل .
أشهر من روى قراءته
روى القراءة عنه ، إبان بن تغلب ، وحماد بن مهران الأعمش ، وسهل بن شعيب ، وأبو المنذر سلام بن سليمان ، وشيبان بن معاوية وخلق لا يحصون .وروى عنه حروفاً من القرآن أبو عمرو بن العلاء ، والخليل بن أحمد ، وحمزة الزيات .
روى عنه راويان أخذاً عنه بغير واسطة:
الأول: شعبة بن عياش الكوفي، والثاني: حفص بن سليمان الكوفي.
وقدّم الإمام الشاطبي (رحمه الله) شعبة، لكونه كان عالماً بالقرآن والحديث، وأما الداني صاحب كتاب (التيسير) فقدم حفصاً لكونه كان أتقن منه لقراءة عاصم. فمجموع طرق عاصم مائة وثمانية وعشرون طريقاً.
تعليقات
إرسال تعليق